الفصل 046 : الرجل الرائع.

---------------------------

بعد مرور بضع ساعات... وبعد أن أوصل (أورين) (مايك الطاعن) إلى محطة الحافلات وذهب إلى المدرسة.

إنتهت حصة التاريخ عند الآنسة (ويلسون) وكان (أورين) يحدق في النافذة بينما يحدث نفسه:

(أتساءل إن كان آشماداي قد وجد إسماعيل وعزازيل... أريد حقا أن أعلم إن كان والدي في الحقيقة واحداً منهما. حسنا... إن كان حقا واحدا من بين الأمراء الخمسة... فسوف يكون تابعاً لأحد منهم... فلو كان حقا واحدا من الأمراء الخمسة لكنا فاحشي الثراء. أو ربما يحتفظ بكل ذلك المال لنفسه..... لا أعلم.)

حتى قاطعت (ريبيكا) تفكيره وقالت مخاطبة لجميع طلاب الفصل:

"لديكم بعد قليل حصة التربية البدنية، يمكنكم الذهاب الآن أراكم غدا!"

ثم وبعد أن خرج الجميع تقريباً، ألقت نظرة على (أورين) الذي كان ينتظر شيئاً لتقوله له بشأن عدم حضوره إلى الحصة الخاصة يوم الأحد.

فاقتربت منه ووقفت أمامه وكثفت ذراعيها تحت صدرها وقالت له:

"حسنا، حسنا، أنظروا من هنا. بعد إصرارك من قبل، يبدو لي بأنك لم تعد تحتاج للحصص الخاصة بعد الآن..."

فقال لها وهو آسف: "(ريبيكا)! أنا آسف! ولكن... اهمم... لقد حدث شيء طارئ!"

ثم انحنت واقتربت قليلا منه وقالت بعد أن أرجعت ذراعيها خلف ظهرها:

"أوه، شيء ما طارئ قد حدث، هاه؟ حسنا، فأنا لا أستطيع فعل ذلك في عطلة نهاية الأسبوع المقبلة.... لذا فسوف تكون لوهلة قبل حصة التاريخ القادمة."

لم يعجب (أورين) الأمر وقال لها:

"لا! أنا أحتاج لتلك الحصص، أرجوك!"

كان (أورين) في تلك اللحظة يحدق بها وبدا وكأنه غارق في جمالها وحبها، فقالت له بعد أن تنهدت:

"هممم .. حسنا ربما أستطيع تدبير ذلك... ربما أستطيع أن أحضّر غرفة خاصة من أجلك. فأنا لا أريدك أن... تضيع موهبتك."

في تلك اللحظة قاطعتهم (ياسمين) بعد أن جاءت ورائهم وقالت مخاطبة لـ(ريبيكا):

"اهمم... (آنسة ويلسون)؟"

حتى ابتعدت (ريبيكا) عن (أورين) بسرعة بعد أن أدركت بأنها كانت منغمسة في الحديث معه ونسيت بأنها في الفصل الدراسي، فنظرت إلى (ياسمين) وقالت لها وهي مرتبكة:

"(يـ-ياسمين)! كيف لي أن أساعدك؟"

لكن (ياسمين) ظلت صامتة بينما تحدق في الإثنين أمامها وكأنها تشك في شيء يحدث بينهما، حتى نظرت إلى (ريبيكا) وقالت لها:

"أردت أن أسألك عن العرض الشفوي الذي يجب أن نقوم بإعداده... كم يجب أن يكون طوله؟"

أجابتها: "حوالي 15 إلى 20 دقيقة كافية."

ثم صمتت قليلا وقالت لها: "حسنا، لدي الآن فصل آخر لأدرسه، وأنتما يجب أن تذهبا إلى صالة الرياضة، لا تتأخروا!"

فقالت (ياسمين): "اهمم-همم حسنا بالطبع..."

ثم خرجا من الفصل.

**

بعض مرور بضع دقائق لاحقاً...

كان (أورين) في صالة الرياضة مع (لورين) يقومون بتمارين الإحماء بينما يتحدثان.

لورين: "أتعلم، يجب أن نخرج لنركض مرة أخرى كتلك المرة. لقد كنت أتمرن، لذا فأنا أؤكد لك بأنك لن تفوز عليّ هذه المرة!"

كثف (أورين) يديه وابتسم وقال لها: "حسنا، حسنا، سوف نرى بشأن ذلك، آخر مرة قلتِ نفس الكلام."

فردت عليه: "هذه المرة أنا متأكدة بنسبة 100%!"

في تلك اللحظة قاطعتهما (ياسمين) مخاطبة (أورين) وهي تبدوا منزعجة فقالت له:

"(أورين)... هل أستطيع التحدث؟"

استدار (أورين) إليها وقال لها ساخرا: "لا تقلقي يا (ياسمين)، لا يوجد هناك داع. فأنا أقبل اعتذارك."

لكنها قالت له: "اخرس! ما الذي يحدث بينك وبين الآنسة (ويلسون)؟"

الشيء الذي كان خائفاً منه أن يحدث قد بدأ يحدث، فقال لها: "ماذا؟"

فردت عليه: "أنا أعلم بأنك على وشك أن تفعل شيئاً... لقد سمعتك تناديها باسمها الأول!"

حاول (أورين) تغيير الحديث لصالحه فقال لها ساخرا مجدداً:

"أوه يا إلاهي! (ياسمين)... هل أنتِ غيورة؟"

استغربت (ياسمين) من كلامه وقالت: "مــاذا؟! تشه.. انسى الأمر. سوف أكتشف الأمر بنفسي..."

"تبدين لي بأنك تشعرين بالملل، أي شخص سيفكر بأنك تحتاجين إلى جولة أخرى في غرفة والدك..."

شعرت (ياسمين) بالغضب والاستفزاز ولم تعرف ما تقول فصاحت عليه: "اخرس!"

نسيت الجماعة أمر حصة التربية البدنية ونسوا بأنهم في قاعة الرياضة، فكان الأستاذ (شنايدر) يراقبهم من بعيد حتى تنهد وبدا غاضباً فاقترب منهم قليلاً ثم صاح على (أورين):

"(أورين)!"

قفز (أورين) من مكانه وقال بسرعة: "نعم سيد (شنايدر)!"

فقال له: "أرى بأنك تتحدث كثيراً ولكن الحركة قليلة!"

رد عليه (أورين) وكأنه في الجيش: "لا، سيد (شنايدر)! أنا قادر على ذلك!"

رفع الأستاذ حاجبا واحدا وأكمل بصوت مرتفع بعد أن نظر إلى ما يرتديه (أورين) في رجليه:

"حقا؟ إذا ما ذلك بحق الجحيم؟!"

"ماذا؟"

الجميع نظر إلى أرجل (أورين) فوجدوه يرتدي حذاءًا عادياً وليس حذاءًا خاصا بالرياضة، فاعتذر وقد أخفض صوته قليلا:

"أوه، لقد نسيت أحذية الجري في المنزل، آسف."

لكن غضب أستاذ التربية البدنية قد زاد وقال له:

"لا يمكنك البقاء في فصلي بذلك الشيء! احترام لباس القدمين هو شيء اجباري هنا! اذهب وابحث عن أحذية رياضية!"

صمت (أورين) قليلاً ثم سأله:

"وإن لم أجدهم؟"

فرد عليه: "إذن لا تزعج نفسك بالعودة إلى هنا! أتعلم شيئاً، أنا حقا خائب الظن فيك يا (أورين). فبدلا من التميز والذهاب إلى الأمام، أنت تعود إلى الخلف، يجب عليك أن تتعلم من (جاك)! إنه المثال الحقيقي للفوز والجهد والتضحية!"

كان (جاك) واقفاً وسط صالة الرياضة والجميع يحدق به بإعجاب، فأكمل الأستاذ قائلاً بينما ينظر إليه:

"فهو سوف يشارك في المنافسة الدولية في رفع الأثقال المقبلة! وماذا عنك أنت؟ أنت تتخطى الحصص ولا تقوم بأي جهد!"

لم يتوقف الأستاذ (شنايدر) من إرسال وابل من التوبيخات إلى (أورين) الذي أخفض رأسه ولم يعرف ما يقول له ما عدا موافقته على كلامه:

"أجل، سيد (شنايدر)..."

فأخد الأستاذ نفساً آخر حتى يعاتبه مجدداً فقال:

"يجب عليك أن تخجل من نفسك لأنك....."

لكن الأستاذ قد سكت وسط كلامه بعد أن شعر بيد قوية تشد كتفه من الخلف بقوة، فاستغرب واستدار بسرعة ليرى من هذا الذي يقاطعه وسط كلامه، فوجده بأنه (توم) من فعل ذلك، وهو يبتسم بشكل مسالم جداً.

"ت-توم؟"

رد عليه (توم) بابتسامة لا تتزحزح من مكانها قائلاً بكل ثقة:

"سيد (شنايدر)، أنا أحاول أن أجعل من الجميع هنا أن يحظوا بيوم رائع ومسالم، لذلك لا يسعني إلا أن ألاحظ بأنك تُولّد أجواءًا سلبية هنا."

لم يفهم الأستاذ (شنايدر) ما الذي يحدث في تلك اللحظة وخصوصا خروج تلك الكلمات من الشخص الخاطئ على حسب ما كان يعلم بشأن (توم) المعروف بتنمره على الطلاب وافتعاله للمشاكل.

"مـ-مــاذا؟ أنا...."

لم يتركه (توم) يكمل كلامه المتقطع فقال له:

"لا تفهمني خطأ، أنا أتفهم بأنك وسط حديثك عن حقوقك في طلب الأحذية المناسبة. ولكن وبصفتي صديق (أورين) المفضل، فأنا متأكد وبقوة بأنه قد فهم ما تريد أن تقول."

زاد استغراب الأستاذ وسأله بارتباك:

"ص-صديق مفضل؟ منذ متى؟"

أجابه: "منذ ذلك الحين الذي لا أستطيع تذكره. وأعتقد كذلك بأن تعليقاتك الإضافية اتجاهه أصبحت غير مثمرة وخارجة عن السيطرة."

صمت قليلا فضيق عينيه وزادت ابتسامته ثم أكمل:

"لا أعلم إن كنت واضحاً في كلامي."

كان الأستاذ مستغرباً ومتعجباً بشدة ولكن ليس من كلام وتغير شخصية (توم)، بل من قوة امساك (توم) بكتفه بقوة شديدة لدرجة أنه بدأ يشعر بالألم. فلم يتردد ولو لثانية واحدة ثم قال:

"اهمم... أجل! ممتاز!"

ثم استدار نحو (أورين) وقال له بينما كان الخوف يظهر عليه:

"اهمم... أنا آسف يا (أورين). يمكنك الذهاب الآن. وخد كل الوقت الذي تحتاجه."

ابتسم (أورين) ابتسامة خبيثة وقال: "بالطبع.."

ثم حدّث نفسه: (يجب عليّ أن أعترف، يعجبني توم الجديد هذا يوماً بعد يوم!)

فقال (توم) منهيا ما بدأه الأستاذ مع (أورين):

"رائع! الآن دعونا نحظى ببعض المرح مع بعضنا البعض، هلا فعلنا ذلك؟"

ذهب (أورين) بعد ذلك إلى غرفة تغيير ملابس الأولاد، وظل يبحث عن أيّ حذاء رياضي موجود هناك بالصدفة ولكنه لم يجد شيئاً.

(اللعنة، الجميع في صالة الرياضة يرتدون أحذيتهم الرياضية... لا يوجد هنا شيء. أين يمكنني إيجاد زوج من الأحذية الرياضية؟)

ذهب (أورين) مباشرة إلى غرفة تغيير الفتيات بينما لا يوجد أحد هناك حتى يبحث لنفسه عن حذاء رياضي ليكمل الحصة، ولكنه وبعد أن بحث لدقائق لم يجد شيئاً هناك أيضاً. ففكر مليّا وقرر عدم العودة إلى صالة الرياضة.

(فلتذهب التربية البدنية إلى الجحيم، لن أجد شيئاً هنا.. سوف أنتظر حتى تنتهي جودي ولورين من حصصهما.)

**

بعد مرور بضعة دقائق...

إلتقى (أورين) بـ(لورين) في ساحة المدرسة بينما ينتظران (آشماداي) هناك، فسألته (لورين):

"هاي! أنت لم ترجع إلى صالة الرياضة. لذلك افترضت بأنك لم تجد زوجاً من الأحذية الرياضية."

فأجابها (أورين) وهو مهتم قليلاً بما حدث هناك:

"أوه أجل، لا.... لم أستطع إيجادهم في أي مكان. هل كان السيد (شنايدر) منزعجاً؟"

كثفت (لورين) يديها تحت صدرها وقالت:

"لا، ليس حقا، أعتقد بأنه كان خائفاً من (توم). لقد جعله يعتذر إلى الصف بأكمله مرتين."

وفي تلك اللحظة قاطعتهم (جودي) التي كانت تهرول نحوهم بطريقة لطيفة وكأنها أرنب، ثم قالت لهم وهي تبتسم:

"مرحبا يا رفاق! آسفة على التأخير!"

ثم وقفت باعتدال وأرجعت يديها خلف ظهرها وسألت:

"على كل حال، هل رأيتم (آشماداي)؟"

حينها بدأوا يحدقون في جميع الإتجاهات باحثين عنه ولكن الساحة خاوية، بها طلاب قلائل فقط.

فقال (أورين): "لا، لا يوجد هنا. هل نحن في المكان الصحيح؟"

أجابته (جودي): "نعم، بالتأكيد. لقد قال بأنه سوف يأتي متنكرا ومتخفياً، لذا كونا على اطلاع."

حتى لاحظوا شخصاً لديه شعر قصير أسود ولحية سوداء كثيفة وممتلئ قليلاً يرتدي لباس المدرسة الموحد ويرتدي نظارات شمسية سوداء وقلادة سوداء متدلية على عنقه، قد ظهر بشكل مفاجئ أمامهم على بعد أمتار عديدة بجانب ولد وبنت يتحدثان، فحدث ذلك الشخص ذلك الولد وكأنه يحاول أن يظهر بشكل رائع:

"هاي كيف الحال يا (تومي). تلك القلادة تبدو رهيبة!"

تغيرت نظرات الثلاثة وهم ينظرون إليه، حيث كان (أورين) قد ضيق عينيه وكأنه يرى أحمقاً أمامه، وكانت (لورين) تبدو منزعجة قليلاً، وأما (جودي) فكانت تلعب بشفتيها وهي أيضاً وكأنها ترى أحمقاً أمامها.

فأجابه ذلك الفتى (تومي): "كيف الحال يا (نوح). قلادتك رائعة أيضاً يا رجل."

علق (أورين) على ما يرونه وهو متذمر: "ما هذا بحق الجحيم؟ الناس هنا يعرفونه؟"

لم ترد عليه الفتاتان لأنهما كانا يحدقان بـ(آشماداي) وليس لديهم أي تعليق حول ذلك.

فرد الفتى (تومي) على نوح: "هل سوف تأتي إلى المتنزه لاحقاً؟"

فأجابه (آشماداي): "سأرى ماذا يمكنني أن أفعل يا رجل."

حتى ابتعد عنهما وتوجه نحو (أورين) والبقية ووقف أمامهم وهو يبتسم فقال لهم:

"مرحبا.."

فقال له (أورين) متسائلاً ومستغرباً:

"هل... هل هذا هو التنكر الخاص بك؟ أن تتظاهر بأنك طالب؟ حقاً؟ لا أعتقد بأنها فكرة ذكية..."

لكن (آشماداي) قاطعه وهو لا يزال يبتسم حتى يظهر بشكل رائع أمام الجميع وقال:

"هاه، قل ذلك لجميع زملائك، لقد تم خداعهم جميعاً. كما أنه بالفعل تمت دعوتي إلى حفلة معينة هذا السبت وعلى حسب ما قاله لي (كين)، فأنا أعتقد بأن (شارلوت) بدأت تُعجب بي."

سأله (أورين) وهو غير مصدق: "(شارلوت)؟ حقا؟ هل تحدثت معها؟"

فقال له وبدا على أنه سيبدأ برواية كل ما حدث بالتفصيل الممل:

"أجل، لقد كنا في حصة قواعد الصرف والنحو عندما..."

لكن (لورين) كانت له بالمرصاد ولم تدعه يكمل كلامه الممل:

"أحمم! هل نستطيع تخطي كل هذا ونتحدث عن الشيء المهم؟"

صمت (آشماداي) قليلاً ثم قال بشكل عادي جدا:

"أوه، أجل، آسف."

ثم همس لهم قائلا: "لدي أخبار جديدة. قد نستطيع العثور على هوية (إسماعيل) و(عزازيل)، العضوين الأخيرين من الأمراء الخمسة. واليد اليمنى واليسرى لـ(عشتروت)."

يتبع..

2022/02/12 · 96 مشاهدة · 1697 كلمة
نادي الروايات - 2024